الماريشال هوبير ليوطي، أول مقيم عام لفرنسا بالمغرب، لقد جاء إلى المغرب بعد سنوات قضاها في مدغشقر ثم بالجنوب الغربي للجزائر عند منطقة بشار، وبعدها بمدينة وهران بالجزائر، ليمارس مهام المقيم العام بالرباط ل 14 سنة كاملة من 1912 إلى 1926. وهي أطول فترة قضاها مقيم عام فرنسي بالمغرب. ليس هذا فقط، بل أهميتها التاريخية أنها كانت مرحلة تأسيسية لشكل الإستعمار الفرنسي في إمبراطورية كان لها منطقها الدولتي في التاريخ، في كل الشمال الغربي لإفريقيا، هي الإمبراطورية الشريفية المغربية.
قال ليوطي في مدينة ليون يوم 26/2/1916 في تصريح له:
«بينما وجدنا أنفسنا في الجزائر إزاء مجتمع في حكم العدم، و أمام وضعية مهلهلة قوامها الوحيد هو نفوذ الرأي التركي الذي انهار بمجرد وصولنا إذا بنا قد وجدنا بالمغرب على العكس إمبراطورية تاريخية و مستقلة تغار إلى النهاية على استقلالها، و تستعصي على كل استعباد، و كانت هذه الدولة إلى حد السنين الأخيرة، تظهر بمظهر دولة قائمة الذات بموظفيها على اختلاف مراتبهم و تمثيلها في الخارج، و هيئاتها الاجتماعية التي لا تزال معظمها موجودا بالرغم عما لحق السلطة المركزية أخيرا من انحطاط، و تصوروا أنه لا يزال بالمغرب عدد من الأشخاص كانوا منذ ست سنوات خلت سفراء المغرب المستقل في بترسبورغ و لندرة و برلين و مدريد و باريز يحف بهم كتاب و ملحقون، و كان هؤلاء السفراء رجالا ذوي ثقافة عامة تفاوضوا مع رجال الدول الأوربية كالأنداد، و كان لهم اطلاع على المسائل السياسية و تذوق لها، و إزاء هذا الجهاز السياسي توجد هيأة دينية لا يستهان بها، فوزير العدل الحالي قد سبق له أن ألقى مدة سنوات دروسا في جامع الأزهر بالقاهرة و في اسطنبول، و قبرص، و دمشق، و هو يتراسل حتى مع علماء الهند، و ليست له وحده علائق مع النخبة الإسلامية في الشرق، و أخيرا توجد جماعة من رجال الاقتصاد من الطراز الأول تتألف من تجار كبار لهم دور تجارية في منشستر و هامبورغ و مارسيليا، و كثير منهم ذهبوا إلى هذه المدن بأنفسهم .. أضيفوا على هذا – كما يعلمه جيدا كل من ذهب منكم إلى المغرب – أن هناك جنسا له مقدرة في الصناعة و نشاط و ذكاء و استعداد للتصور يمكن أن نستفيد منه كل الفائدة بشرط أن نحترم بكل دقة كل ما يريد أن يراه محترما»[1].
الخطاب الأصلي بالفرنسية:
《Alors que nous sommes en Algérie depuis plus de quatre vingt ans, en Tunisie depuis trente-cinq ans, nous n'avons pris pied au Maroc qu'il y a huit ans, et notre protectorat y date de moins de quatre ans. L'oeuvre qu'y réalisait le général d'Amade en 1908, c'est celle qui s'accomplissait en Algérie entre 1830 et 1832. Et puis, si l'Algérie est bien une "colonie", le Maroc est un "protectorat", et ce n'est pas là seulement question d'étiquette. Alors que nous nous sommes trouvés en Algérie en face d'une véritable poussière, d'un état de choses inorganique, où seul le pouvoir constitué était celui du dey turc effondré dès notre venue, au Maroc, au contraire, nous nous sommes trouvés en face d'un empire historique et indépendant, jaloux à l'extrême de son indépendance, rebelle à toute servitude, qui jusqu'à ces dernières années, faisait encore figure d'État constitué, avec sa hiérarchie de fonctionnaires, sa représentation à l'étranger, ses organismes sociaux dont la plupart subsistent toujours, malgré la défaillance récente du pouvoir central. Songez qu'il existe encore au Maroc nombre de personnages qui, jusqu'il y a six ans, furent ambassadeurs du Maroc indépendant à Pétersbourg, à Londres, à Berlin, à Madrid, à Paris, accompagnés de secrétaires et d'attachés, hommes d'une culture générale, qui ont traité d'égal à égal avec les hommes d'état européens, qui ont le sens et le goût des choses politiques: rien de similaires en Algérie ou en Tunisie.》[1]
《كلما زدت في عشرة المغاربة و مهما أطلت العيش بهذه البلاد ازددت اقتناعا بعظمة هذه الأمة》
جملة منحوتة على قبر الماريشال ليوطي بالعربية.
و هذا التصريح هو جزء صغير من عدة مقالات كتبها حول المغرب و تاريخه القديم من عهد مملكة موريطنية مرورا بالأدارسة الذي يعد المنشأ الأول للدولة المغربية و كما تدونه خريطة الجغرافي الشريف الإدريسي و التي تكذب إدعاءاتهم على أن ليوطي هو من أسس المغرب فنجد العكس.
______________________________
🔱 المصدر:
1- Discours de Lyautey à la chambre de commerce de Lyon, 29 février 1916.