مملكة موريطنية
حاضرة المملكة المغربية
I. موريطنية الأولى:
تقع مملكة موريطنية في شمالي المملكة المغربية و شعبها يعرف بإسم "المور" تحدها نوميديا شرقا و يقطع بينهما نهر ملوية، و يعود تاريخ تأسيسها إلى سنة 900 قبل الميلاد، و توزعت عواصمها حسب الملوك، فكانت أولى عواصمها طنجيس و ثانيها شالة قرب مدينة الرباط في عهد الملك باكا، و ثالثها وليلي في عهد الملك بوكوس الأول. و عرفت لدى الفينيقيين بإسم [Mauharim] أو [موهريم] و التي تعني بالفينيقية (بلاد الغرب/المغرب الأقصى)[1] و منها اشتق اسم المملكة المغربية أو بلاد المغرب الأقصى. و يقول المؤرخ سالوست "فالمناطق القريبة لموريطنية، و التي تشغلها نوميديا، فالمور هم الأقرب لإسبانيا"[2] .
· الملوك:
§ الملك أطلس : King Atlas of Mauretania
يعتبر الملك أطلس أشهر ملوك موريطينية عبر التاريخ و حكمها منذ القرن السادس قبل الميلاد، حيث ترك إسمه في كل مكان يوحي إليه، كسلسلة جبال الأطلس و المحيط الأطلسي، و كذلك الشعب الموري الذي كان ملكا عليهم سموا ب"الأطلسيين/الأطلنتيين". يقول أفلاطون في كتابه المسمى (كريتياس) أن أطلس هو إسم ملك مملكة أطلنتس و عليه سمي المحيط الأطلسي و كذلك سلسلة جبال مملكة موريطنية《المملكة المغربية حاليا》، لكن ذلك أطلس كان ابنًا بشريًا لبوسيدون، لكن الكثير المصادر الأخرى تؤكد أنه كان خبيرا في الفلك و كذلك ملكا على مملكة موريطنية[3].
و يقول المؤرخ الإغريقي ديودورس سيكولوس (Diodorus Siculus)عاش في القرن الأول الميلادي عن أطلس ملك موريطنية《كان أول شخص يتقن الجغرافيا و الفلك و هو أول من قدم مجسما للأرض بشكل كروي》[4]، و في سنة 1589، الجغرافي و الفلكي جيراردوس ميركاتور (Gerardus Mercator) قام بطرح كتابه المعروف عن الخرائط Atals و ذلك لأنه كان يعتبر الملك الموري أطلس ملك موريطنية على أنه أعظم جغرافي، و فيلسوف مخضرم، و كذلك فلكي و رياضياتي، حيث احتلت سيرته الذاتية الصفحة الأولى من هذا الكتاب الذي يخلد اسم هذا الملك الذي حكم مملكة موريطنية منذ القرن 6 قبل الميلاد.[5]
ويذكر المؤرخ المغربي عبد الحق المريني في كتابه الجيش المغربي《 يكاد يتفق المؤرخون الذين كتبوا في التاريخ القديم للمغرب، أن الأمم المتعاقبة طمحت كلها للاستيلاء على بلاد المغرب الأقصى، واصطدمت بمقاومة شديدة. فقد اشتهر أهلها قبل الميلاد بالقوة و الشدة. من ذلك أن الملك المغربي “أطلس” فكر ألف عام قبل الميلاد في غزو بلاد (البرد و الشياطين) أوروبا.》[6]
§ الملك باكا : King Baga of Mauretania
الملك باكا، ملك أمازيغي حكم مملكة موريطنية حوالي 225 قبل الميلاد، و عاصمته هي شالة قرب مدينة الرباط. ظهر خلال الحرب البونيقية الثانية من أجل مساعدة ماسينيسا ليمر عبر أرض الماسيسيل أو عبر موريطنية، فاختار الأخيرة و بعث معه الملك باكا حارسا شخصيا الذي رافقه الى أن وصل إلى حدود بلاده و أيضا وفر له مساعدة عسكرية من 4000[7]] فارس سنة 206 قبل الميلاد خلال الحروب البونيقية لمواجهة خصومه[8].
§ الملك بوكوس الأول : King Bocchus I
الملك بوكوس الأول، حكم مملكة المور بين سنة 110 ق.م و 80 ق.م. و كان واحدا من أقوى ملوك موريطنية المملكة الشاسعة خلف نهر ملوية[9]، حيث يقول سالوست " بينما كان يحكم الموريين بوكوس الأول، وهو الملك الذي لم يكن يعرف شيئًا عن الرومان إلا إسمهم، والذي لم يكن معروفًا لنا قبل هذه الفترة الا قليلا، سواء في الحرب أو السلام."[10]. و كان صهر يوغرطة ملك نوميديا.
II. موريطنية الكبرى:
§ التوسع على نوميديا:
بعد أن فقد يوغرطة مدينة قفصة و بعض المناطق القوية في ملكه، بالإضافة إلى مبالغ هائلة من المال. أرسل سفيرا إلى الملك بوكوس الأول يطلب منه أن يرسل له جيشه على وجه السرعة. لكن بوكوس الأول كان مترددا بين الرفض و القبول لطلب صهره يوغرطة. فقام يوغرطة بإرسال بعض الهدايا، و لإغراء بوكوس الأول أكثر وعده بأن يعطيه ثلث نوميديا في حالة طرد الرومان من إفريقيا و بدون إنقاص أي أراض. إنضم بوكوس إلى يوغرطة في حربه بجيش كبير لأن العرض كان مغري[11].
إنتهت الحرب ضد ماريوس الذي كان متوجها إلى مقره الشتوي مع فرسانه، و ذلك عقب خسارة كل من يوغرطة و بوكوس الأول، و مع ذلك يوغرطة لم يفي بوعده الذي يتمثل في إعطاء بوكوس ثلث نوميديا، رغم خسارة هذا الأخير لجيشه و فرسانه. فأرسل ماريوس إلى بوكوس سفيرين و بدأت بينهما عدة محادثات، حتى أن بوكوس التقى بماريوس و جرى بينهما حديث مطول، و أخبره بوكوس بما قاله له يوغرطة و عن ثلث نوميديا الذي وعده به و لم يفي به، و قال بوكوس أيضا أن ما فعله هو دفاع عن مناطق حكمه ليس إلا[12] و جرى الإتفاق بين بوكوس و ماريوس على الإيقاع بيوغرطة الذي تسبب في الحروب و كذلك في خسارة بوكوس الأول لجيشه و أيضا عدم وفائه بوعده، و وعده ماريوس بثلثي نوميديا. قام بوكوس بمراسلة يوغرطة بشرطة أن يأتي أعزل، و تم إلقاء القبض عليه و إيداعه لدى روما مكبلا بالسلاسل[13] سنة 105 ق.م. و توسعت مناطق حكم بوكوس لتشمل ثلثي نوميديا، من المحيط الأطلسي إلى مدينة بجاية.
§ الملك ماستانيسوسوس : King Mastanesosus of Mauretania
ماستانيسوس، واحد من أبناء الملك بوكوس الأول و حكم موريطينية بين 80 ق.م إلى 49 ق.م
§ فترة الحكم بين الملكين بوكود Bogud و بوكوس الثاني Bocchus II
بوكود حكم النصف الغربي من المملكة الذي يمتد من المحيط الأطلسي إلى نهر ملوية و من نهر ملوية إلى بجاية حكمها بوكوس الثاني مناصفة و التي ورثا عرشها عن والدهما ماستاسانيسوس بين سنة 49 ق.م إلى 38 ق.م[14][15]. في سنة 49 ق.م أصبح بوكوس الثاني صديقا لقيصر روما و ذلك بسبب تدخله في الحرب على البومبيين الذي حاولو اجتياح موريطنية سنة 46 ق.م و تم طردهم منها، و قام في نفس السنة باجتياح سيرتا (قسنطينة حاليا) عاصمة نوميديا. و لم يكن بوكوس متأكدا إن كان يريد التحالف مع روما أو مع أطراف أخرى ضد روما، و كان أحد أقربائه "بوكود الثاني" كان ملك غربي موريطنية في اسبانيا مع قيصر روما و هناك كانت هناك منافسة عائلية على الحكم. في نفس السنة أقدم يوبا الأول على الإنتحار بسبب هزيمته من طرف قيصر روما. و بارك قيصر روما لكل من بوكود و بوكوس الثاني على اعتلائهما عرش مملكة موريطنية و حكمها مناصفة بينهما شرقا و غربا[16].
و اشتدت المنافسة بين بوكود و بوكوس الثاني، و اشتعلت شرارتها أكثر خلال الحرب الرومانية سنة 30 ق.م، التي كان طرفيها أوكتافيان و خصمه مارك أنطوني. شجع أنطونيوس حليفه بوكود من أجل احتلال اسبانيا و الذي كان دعما واضحا لأوكتافيان، فتخلى بوكود عن مملكته و ذلك لإكتفائه بما حصل عليه، لكي ينضم إلى أنطونيوس في حربه و قتل سنة 31 ق.م[17][18]. فتخلى أوكتافيان بدوره عن مملكته لبوكوس الثاني الذي لم يعجبه توسع نطاق حكمه ليشمل مملكة موريطنية بكاملها، و توفي بشكل طبيعي سنة 33 ق.م. و في نفس الفترة تورط أوكتافيان في حرب ضد أنطونيوس و كليوباترا، أيضا لم يكن هناك حاكم بعد على موريطنية إلى غاية 25 ق.م حيث قام أغسطس بوضع ابن يوبا الأول على حكم موريطنية و هو يوبا الموريطني الذي قد يكون لديه رابط دموي مع بوكوس الأول[19] .
§ يوبا الموريطني : Juba of Mauretania
الملك يوبا الموريطني، مثقف و عالم و باحث. وضعه أغسطس على عرض موريطنية سنة 25 ق.م، ليكتشف لاحقا أن مملكة نوميديا لم يعد لها وجود. و وجد أن مملكة موريطنية كانت في حالة فوضى و غير منظمة. و في وقت لاحق تزوج كليوباترا سيليني حيث كانت لاجئة في قصر قيصر روما مثله حيث كانت آخر الناجين من أبناء كليوباترا السابعة و ماركوس أنطونيوس. و قام يوبا ببناء مدينة قيصرية تيمنا بقيصر روما الذي رباه في قصره منذ صغره و جعلها مركزا علميا و أيضا مجلسا برلمانيا. فأكمل يوبا أبحاثه في مدينة قيصرية بمساعدة من كليوباترا سيليني. فقد كان يتجول و يستكشف، و وصل إلى جبال الأطلس حيث وجدا أعشابا طبية باسم " أوفوروبيان". و في سنة 5 ق.م توفيت كليوباترا سيليني، و تزوج يوبا لاحقا بفتاة اسمها غلافيرا Glapghyra ابنة الملك أركيلاوسArchelaos حاكم كابادوسيا Cappadocia التي تقع في وسط تركيا حاليا. و لكن ذلك الزواج لم يدم طويلا لأن أغسطس لم يكن موافقا على هذا النوع من التحالف، و قد حقق يوبا نجاحا و تقدما كبيرا في مملكة موريطنية وعندما توفي سنة 23 ميلادية، أورث حكمه إلى ابنه بطليموس الموريطني[20].
§ بطليموس الموريطني Ptolemy of Mauretania
الملك بطليموس الموريطني، حكم مملكة موريطنية الممتدة من المحيط الأطلسي إلى بجاية ما بين 23 ميلادية إلى 40 ميلادية. وعرف عنه أنه كان محاربا شجاعا و سياسي حكيم و لم تكن لديه أي نوايا ليكون دمية تتحكم فيه روما و كانت أفضل فترة حكم له على موريطنية في مدة 17 سنة أنهتها غيرة الإمبراطور الروماني كاليغولا[21]، و يقال أنه درس في أثينا، حيث تم تكريمه في مركز الألعاب الرياضية التي تم تأسيسها من قبل أجداده. كانت أولى مهام بطليموس هي وضع حد لتمرد تاكفاريناس الجيتولي الذي كان يشكل ليوبا الموريطني ازعاجا كبيرا في أيامه، و انتهت الحرب في صيف سنة 24 على يد بطليموس الذي تم تكريمه من طرف مجلس الشيوخ الروماني و بها حصل على اعتراف بملكيته. كان بطليموس قاض مدينة قرطاجو الجديدة و هي مدينة قرطاجنة في اسبانيا حاليا، التي ورث هناك فيها مكتب والده و الذي استخدمه من أجل تعزيز أواصر الصداقة بين موريطنية و روما الاسبانية. بالإضافة إلى علاقته مع أثينا، تم تكريمه من طرف ليسيا الفيدرالية في مدينة زانثوس في محافظة أنطاليا في تركيا حاليا. و من جهة أخرى لا تظهر أي من ملامح الثقافة التي كانت عند والده الذي كان يعد أعظم عالم و مستكشف في عصره.
في سنة 40 ميلادية، قام الإمبراطور الروماني كاليغولا بتدبير خطة لإغتيال ابن خالته بطليموس، حيث قام بدعوته من أجل زيارة ديبلوماسية في روما. مع وصوله إلى عاصمة روما تم إغتياله على الفور. و قامت ثورة في موريطنية ضد روما بسبب تلك الجريمة المدبرة التي أودت بحياة بطليموس[22].
III. موريطنية في مرحلتها الأخيرة:
§ انقسام مملكة موريطنية، الأسباب:
عقب إغتيال كاليغولا لبطليموس و قيام الثورة، قام الإمبراطور كلاوديوس بإخضاع موريطنية لروما و قام بتقسيمها إلى قسمين، المنطقة الأولى هي موريطنية الطنجية و عاصمتها طنجيس (مدينة طنجة حاليا) المنطقة الثانية هي موريطنية القيصرية و عاصمتها قيصرية (شرشال حاليا)[23]، و ذلك من أجل إضعاف قوة مملكة موريطنية. و عاد نهر ملوية جديد ليخدم وظيفته السابقة قبل توسع مملكة موريطنية الأولى على ثلثي أراضي نوميديا حيث كان هو الحد الطبيعي الفاصل بينهما[24] مما جعل موريطنية تعود لطبيعتها السابقة قبل التوسع و هي المنطقة الممتدة خلف نهر ملوية و تتموقع في شمال المملكة المغربية حاليا.
§ ثورة إيديميون الموريطني الأمازيغي، ثورة موريطنية الطنجية:
أيْدِمون Aedemon ثائر مغربي على الغزو
الروماني في القرن الأول للميلاد، قامت ضد روما محليا في موريطنية الطنجية
بسبب إغتيال كاليغولا لبطليموس و كذلك من أجل الإستبداد و الظلم الذي لحق الموريين
من طرفه، و هي أول ثورة في تاريخ موريطنية التي امتدت لأربع سنوات ما بين 40
ميلادية إلى 44 ميلادية حيث أثرت سلبا على التواجد الروماني في موريطنية خاصة و
شمال إفريقيا عامة، و ذلك بسبب حصد أرواح الرومانيين وتخريب مراكزهم العسكرية
ومدن استقرارهم واشتعال نيرانها وتوسعها في البلاد المورية والمناطق المجاورة
الأخرى، مما إضطر روما إلى إرسال فيالقها العسكرية من أجل إخماد هذه الثورة، حيث
رست عدة سفن قادمة من روما في موانئ موريطنية الطنجية بشكل خاص. فقامت بعض الجيوش
من بعض المناطق الأمازيغية بالتحالف مع الجيوش الرومانية من أجل إيقاف هذه ثورة
ايديمون مما أدى إلى تدمير مدينة طنجة تدميرا كليا، و نجح الرومان في إخمادها و
ذلك في عهد الإمبراطور كلاوديوس سنة 44 ميلادية [25][26][27][28][29][30]
[1] https://thinkafrica.net/kingdom-of-mauretania/
[2] The Jugurthine War (1852) by Sallust, it is translated by John Selby Watson, XIX.
[3] Plato, Critias.
[4] Diodorus Siculus, Bibliotheca historica, Book III 60.2
[5] Gerardus Mercator, Atlas, 1589
[6] عبدالحق المريني، الجيش المغربي، صفحة 15
[7] The World of Juba II and Kleopatra Selene: Royal Scholarship on Rome's, By Duane W Roller, page 46
[8] Livy Ab Urbe Condita Libri 29.30
[9] Dictionary of African Biography, Volumes 1-6, By Emmanuel Kwaku Akyeampong, Henry Louis Gates, Mr. Steven J. Niven, page 469.
[10] The Jugurthine War (1852) by Sallust, it is translated by John Selby Watson, XIX.
[11] Même référence, XCVII
[12] Même référence, CXI
[13] Même référence, CXIII
[14] The World of Juba II and Kleopatra Selene: Royal Scholarship on Rome's; Page 56
[15] Dictionary of African Biography, Volumes 1-6; By Emmanuel Kwaku Akyeampong, Henry Louis Gates, Mr. Steven J. Niven; Page 470
[16] Même référence, 471
[17] Même référence, 471
[18] M. Coltelloni-Trannoy, « Juba», Encyclopédie berbère, 2003, Page 3914, 3938
[19] Même référence, 471*
[20] Même référence, 228
[21] https://www.ancient-origins.net/history-famous-people/emperor-caligula-brought-end-illustrious-ptolemies-why-007591
[22] https://www.ancient-origins.net/history-famous-people/emperor-caligula-brought-end-illustrious-ptolemies-why-007591
[23] Chisholm, Hugh, ed. (1911). "Mauretania". Encyclopædia Britannica. 17 (11th ed.). Cambridge University Press. p. 908.
[24] Richard J.A. Talberts, Barrington Atlas of the Greek and Roman World - p. 457
[25] محمد مقدون؛ علي واحدي. «أيدمون». معلمة المغرب، المجلد الثالث، الصفحة 923
[27] Fishwick D., The Annexation of Mauretania, Historia, t. 20, 1971, p. 467-487 (en particulier p. 473-480: The Revolt of Aedemon)
[28] Gascou J. M., Licinius Crassus Frugi, légat de Claude en Maurétanie, Mélanges Boyancé, Rome, Collection de l’Ecole Française de Rome, 1974, p. 299-310
[29] Wouter Vanacker, « Ties of Resistance and Cooperation. Aedemon, Lusius Quietus and the Baquates », Mnemosyne, vol. 66, nos 4-5, 2013, p. 708-733
[30] J. Gascou, « Aedemon », Encyclopédie berbère, vol. 2, 1er décembre 2012